لالة خداوج أو خداوج العمياء
هي أسطورة الجمال خديجة إبنة حسن باشا الخزناجي الذي كان قائد الأسطول البحري في الدولة العثمانية في القرن السادس عشر، خداوج هو إسم الدلع في اللهجة الجزائرية كانت فتاة فائقة الجمال، تعيش في قصر فخم مع والدتها ووالدها وأختها الكبرى “فاطمة” وحياتها كانت مختلفة عن حياة بنات سنها في عصرها، وحتى عن حياة شقيقتها، فكانت البنت المدللة باستمرار من والديها، خاصة من والدها الذي منحها اهتماما مبالغا فيه.كان الكل يثني على فتنتها وعيونها التي كانت تستعمل لتجميلهما كحلا خاصا يأتيها من الباب العالي. عيون خداوج اضحت حديث الشعراء ومطمع الأغاوات والباشوات، لكن لا أحد تجرأ على خطبتها خوفا من الرفض.
اليوم المشؤوم
وعند عودة حسن باشا من إحدى سفرياته، أحضر هدية لابنته خداوج التي كانت عبارة عن مرآة ثمينة من زجاج يشبه في لمعانه الألماس بزخرفات منقوشة على حواشيها، لتصبح صديقتها المفضلة.ويقال أن خداوج أصيبت بنوع من النرجسية المرضية، أصبحت كثيرة النظر في المرآة، كثيرة التسريح لشعرها وكثيرة التغيير لملابسها.
يروى أن حسان باشا أقام حفلا في قصره، حضره عدد من الشخصيات المرموقة وسفراء دول، فطلب من نساء القصر تزيين ابنته خداوج الذين استغرقن ساعات كاملة .
وبعد الانتهاء من التزيين زاد جمال الفتاة جمالا لتظهر مثل البدر في ليلة اكتماله فخرجت إلى بهو القصر حتى يراها الزوار، فإذا بالنساء الحاضرات يشهقن أمام جمال خداوج.
فسارعت الفتاة إلى غرفتها لتتأكد من جمالها بنفسها، وعندما نظرت إلى المرآة “صُدمت من فرط جمالها، وأصيبت بالعمى في تلك اللحظة، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تُلقب بـ خداوج العمياء.
تنتهي قصة خداوج بليلة فقدانها البصر، هناك من يقول بسبب المرآة وهناك من يقول بسبب الكحل الذي كانت تستعمله، ورغم تدخل الأطباء، إلا أن عيون خداوج انطفأت فجأة وانطفأت معها حياة والدها حسن باشا الذي قرر قبل وفاته أن يهديها القصر الذي كانوا يقطنون به، ضماناً لمستقبلها بعد موته، لتَتَعود “خداوج” على حياتها الجديدة، وعاشت في القصر مع أبناء أختها “عمر ونفيسة” اللذين اعتنيا بها، ما زادها تعلقا بالحياة، إلى أن توفيت في تاريخ بقي مجهولا إلى يومنا هذا.
وبعد وفاتها سُمي القصرخداوج العمياء فكانت الفتاة الوحيدة في تاريخ الجزائر التي يُهديها والدها قصرا.
كما أن في الجزائر إلى يومنا هدا يطلق إسم خداوج على نبتة الجرانيوم الهولندي تغزلا بجمالها .
قصر لالة خداوج
قصر خداوج العمياء المشهور في الجزائر العاصمة والمعروفة الآن بمتحف الفنون الشعبية، يحكي حقبة من الزمن الجميل في قلب العاصمة النابض القصبة ، غير بعيد عن جامع كتشاوة وعن ضريح الولي الصالح عبد الرحمان الثعالبي .
هو من الروائع المعمارية العثمانية فكل ما في القصر من داخله وخارجه شاهد على التصميم العمراني للدولة العثمانية، وفي مدخله نجد “الزريبَة” وهي المكان الذي تُجمع فيه الأحصنة ومختلف الدواب، تليها مباشرة “الدريبَة”، وهو لفظ محلي يطلق على الرواق الصغير ممهد للدخول أو الخروج من البيت وتوجد فيها حنفية للاغتسال قبل الدخول إلى “السقيفَة”، وبها ممر طويل بسقف “مُقبب وسميك” وينتهي على جوانبه بأقواس جدارية مجوفة ومحمولة على أعمدة رخامية وأقواس بشكل حلزوني وفي الطابق الثالث كانت غرفة خداوج الفخمة.
بعد قرابة القرنين عن وفاة “خداوج”، استأجر القصر تاجر يهودي ثري يدعى “ميشيل كوهين بكري”، الذي جاء من مدينة جنوة الإيطالية للإقامة مع أسرته.
وفي سنة 1860م، قرر “نابليون الثالث” أن يجعل من القصر مكانا لإقامته مع زوجته “أوجيني”، مفضلا هذا القصر عن بقية القصور التي كانت موجودة في العاصمة الجزائرية بعد احتلالها من قبل المستعمر الفرنسي وعاث الفرنسيون بأقدامهم الملطخة في دار خداوج العذراء، غير انهم بعد قرن ونيف نفضوا قذارتهم وغادروا دارها الخالدة. عام 1987 حولت السلطات الجزائرية قصر “خداوج العمياء” إلى متحف وطني للفنون والتقاليد الشعبية، الذي يعتبر متحفا “أنثوغرافي”، إذ يضم مئات التحف الفنية التقليدية، من بينها خزان للحبوب أو كما يسمى في اللهجة الجزائرية “المَطْمُورْ”، إضافة إلى آلات النسيج الخشبية والطرز، الخشب المنحوت، الأثاث، المزهريات، قدور الطبخ، الحلي، النحاس، الفخار وغيرها من التحف الأثرية.
المراجع:
تعليقات
شكراً على المعلومات
شكراً على المعلومات