مقبرة العالية أو جبانة العالية ليست مثل بقية المقابر في الجزائر، فهي تضمّ رفات شهداء ثورة التحرير ورموزها، ورفات رؤساء ومسؤولين كبار، والتي ستستقبل اليوم رفات 24 شهيدا من رموز المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي الظالم في منتصف القرن 19، حيث أعدمهم جيش الاستعمار ونكّل بهم، قبل ترحيل رؤوسهم إلى بلاده، بحجة الدراسات الأنثروبولوجية.
وعلى مرّ سبعة عقود من الزمن، اعتبرت مقبرة العالية أهمّ مقبرة في الجزائر، وبنيت في 1942، على قطعة أرض تفوق مساحتها 80 هكتاراً، بمنطقة باب الزوار شرق العاصمة الجزائرية.
فمن هي المرأة التي سميت بإسمها المقبرة ؟
العالية حمزة:
هي إمرأة بها يوسم السخاء، وإليها ينتسب الصلاح، تعود أصولها إلى أولاد نايل، بيد أنّها ولدت بمنطقة سور الغزلان بولاية البويرة سنة 1886، من أبوين غنيين جدا، وبعد وفاة والدها اقتسمت الثروة مع أخيها عيسى وأختها حبارة، واِستثمرت قسطها في التجارة فبارك الله في أموالها، وامتلكت آلاف الهكتارات من الأراضي في العاصمة والجلفة وبوسعادة، إضافة إلى منطقتها سور الغزلان وإلى جانب عملها في التجارة عملت كمسؤولة في مدرسة لتدريس البنات في سيدي عيسى المجاورة لمنطقتها أنشئتها بمالها الخاص قصد تدريس و كفالة البنات اليتيمات تزوجت العالية من مدرس للغة العربية من مدينة بوسعادة كان يدرس معها في نفس المدرسة غير انها لم ترزق بالأطفال .
عرفت العالية حمزة بمكارم أخلاقها، وحبّها للناس، فكانت تطعم الجائع وتكرم السائل وتكفل اليتيم، كما أنها فتحت بيتها لكل من لا مأوى له، فغدا مقصدا لعابري السبيل والمشرّدين، والمنكوبين.
قصة المقبرة :
ففي سنة 1928 سافرت للبقاع المقدسة هي ووالدتها قصد أداء مناسك الحج شاءت الأقدار أن تموت والدتها وتدفن بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم وفور عودة العالية إلى أرض الوطن وهبت للحكومة الفرنسية قطعة أرضية تقدر مساحتها بـ 800 ألف متر مربع، وذلك من أجل تحويلها إلى مقبرة لدفن موتى المسلمين، وطلبت بأن تكتب باسمها والذي مازالت تحتفظ به إلى يومنا هذا. وتحولت مقبرة العالية إلى مثوى لجثامين الشهداء والزعماء والشخصيات المرموقة، من بينهم الأمير عبد القادر ،لالة فاطمة نسومر، هواري بومدين، أحمد بن بلة، الشادلي بن جديد، محمد بوضياف وغيرهم .
.
وفاتها:
بعد حياة حافلة بالعطاء، توفيت تيريزا الجزائر سنة 1932، في ظروف غامضة حيث تقول بعض الروايات أنها ماتت مسمومة من قبل بعض ذويها الذين نصبوا أعينهم صوب ثروتها، ودفنت في مسقط رأسها بسور الغزلان وكتب على قبرها الولية الصالحة العالية حمزة ولا أحد يعرف عن حجم أملاكها وأين ذهبت ومن قام بالاستحواذ عليها وهذا الأمر بقي سرا إلى اليوم.
المراجع:
تعليقات
عاشطت الجزائر حرة مستقلة ❤️